شيء واحد مفيد قد يأتي، في نهاية المطاف، من وراء الاضطهاد الذي نعيشه في يومنا هذا٠
إن القمع الذي تتعرض له اليوم بعض المؤسسات الدينية و الايديولوجية في العالم العربي قد يُفلح في تحقيق شيئ ايجابي واحد و لو كان إعتقاد ذلك على سبيل التفاؤل لا أكثر. هذا الشيئ هو لحظة الاستيقاظ و التيقظ الفعلي و ولادة نقطة الوعي الاولى. الوعي بما حدث، حادث و سوف يحدث٠
قد يكون من الواجب على كل المؤسسات الدينية والانظمة السياسية و المنظومات و الانساق الفكرية عموما، خاصة تلك التي تعتبر نفسها الضحية، أن تبدأ بفحص ذاتها بحثًا عن آثار القمع والديكتاتورية٠
فطالما يدّعي كل واحد منا الملكية الوحيدة للحقيقة و طالما نسمح لأنفسنا بأن نتعالى في شموخ على الاخرين، و نعاملهم باحتقار، فاننا لن نلبث حتى نقوم بالتعدي على حقوقهم و حرياتهم عندما تحين الفرصة و تتغير الموازين٠
فعدم القدرة على احترام الاخرين بسبب اختلافهم عنا جنسيا و عقائديا، و ثقافيا، أو اختلافهم معنا في الرأي أو في التفاصيل الثيولوجية المذهبية، هو الخالق و المتسبب الاول لأي حركة انتهاكية ظالمة. إن عدم قدرتنا على احترام غيرنا هو ما يحفزنا على كره أجوارنا و التعدي عليهم و اضطهادهم٠
كما نرى ، صار مضطهدوا الأمس ضحايا اليوم ، و ضحايا الأمس أصبحوا الآن من الظالمين٠
وطالما يستمر المواطن العربي (أو المتحدث باللغة العربية)، سواء إعتبر نفسه ظالما أو مظلوما، في الدفاع عن المنظمات التي ينتمي اليها و على مناهجها بطريقة شوفينية اقصائية و متهورة فإن واقعنا التعيس لن يتغير٠
طالما نواصل غض النظر عن الاعتداءات اللفظية أوغيرها التي نرى أفراد عائلاتنا، و أصدقاءنا و زملاءنا يقومون بها تجاه من يختلفون معهم، فإن المأساة ستتواصل حتما٠